الدمج يبدأ من هنا: كيف تبني أبوظبي مدينة للجميع؟

المدينة الدامجة في أبوظبي: نموذج عالمي في دمج أصحاب الهمم

المدينة الدامجة في أبوظبي: نموذج عالمي في دمج أصحاب الهمم

في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم نحو مزيد من الشمولية الاجتماعية، تبرز إمارة أبوظبي كنموذج استثنائي في توفير بيئة حضرية دامجة لجميع أفراد المجتمع، لا سيما أصحاب الهمم وكبار السن. مشروع “المدينة الدامجة”، الذي أطلقته دائرة تنمية المجتمع بالتعاون مع دائرة البلديات والنقل وهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة، يمثل تجربة رائدة تعكس الالتزام الإنساني والمجتمعي لدولة الإمارات تجاه تمكين الفئات المختلفة وتحقيق جودة حياة مستدامة وشاملة.

 

من الفكرة إلى المبادرة: التزام حقيقي بالرؤية المجتمعية

لم يأتِ مشروع المدينة الدامجة من فراغ، بل جاء ضمن استراتيجيات وطنية شاملة مثل استراتيجية أصحاب الهمم في أبوظبي، واستراتيجية جودة حياة الأسرة، وبرنامج نمو الأسرة الإماراتية. تهدف هذه الرؤية إلى بناء مدن لا تهمّش أحدًا، بل تحتضن الجميع وتوفر لهم فرصًا متكافئة للمشاركة في الحياة اليومية، سواء في العمل، التعليم، الترفيه، أو حتى التنقل.

 

التصميم الحضري الشامل: أكثر من مجرد بنية تحتية

ما يميز مشروع المدينة الدامجة هو شموليته. إذ لا يقتصر على إنشاء منحدرات أو إشارات مخصصة، بل يتعدى ذلك إلى تصميم بيئة حضرية تتفاعل مع احتياجات الناس المختلفة، من خلال شوارع صديقة للكراسي المتحركة، ومرافق عامة مهيأة بمداخل سهلة الوصول، وحدائق ترفيهية تدمج الأطفال من جميع الفئات، وأنظمة نقل متكاملة تدعم تنقل أصحاب الهمم وكبار السن بسهولة واستقلالية.

 

كما تسعى الجهات المسؤولة إلى توسيع نطاق المدينة الدامجة خارج جزيرة ياس لتشمل مناطق جديدة في الإمارة، وهو ما يدل على رؤية طويلة الأمد لتحويل أبوظبي بأكملها إلى مدينة دامجة رائدة.

 

التعليم والطفولة المبكرة: البداية الصحيحة نحو دمج مستدام

جزء كبير من رؤية المدينة الدامجة يتعلق بالاستثمار في الطفولة المبكرة. فقد أكدت هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة أن بناء إمارة صديقة للطفل والأسرة يبدأ من توفير بيئة تعليمية وصحية دامجة، تتيح للطفل من ذوي الهمم أن ينمو جنبًا إلى جنب مع أقرانه، في جو من التقبل والدعم.

 

تمتد هذه الرؤية لتشمل إشراك الأسر في اتخاذ القرارات وتصميم البرامج، مما يعزز من روح التعاون والشراكة المجتمعية.

 

دور التكنولوجيا والابتكار في التمكين

لم تغفل المبادرة جانب الابتكار، إذ تعتمد على أحدث التقنيات الذكية في التصميم والإدارة، مثل التطبيقات الذكية لتحديد المسارات المهيأة، وأدوات الدعم الإلكتروني لأصحاب التحديات البصرية أو الحركية، مما يسهم في جعل المدينة أكثر تفاعلية وسهولة في الاستخدام.

 

الشراكة المجتمعية: سر النجاح والاستدامة

يعتمد نجاح المدينة الدامجة على تضافر الجهود من مختلف القطاعات: الحكومية، الخاصة، والمجتمع المدني. فالتكامل بين هذه الأطراف هو الذي يضمن أن تكون السياسات فعالة والتطبيقات مستدامة. وقد وضعت الجهات المعنية خطة لرفع اسم أبوظبي على المستوى العالمي من خلال التقدم لنيل عضوية المنظمات الدولية مثل منظمة الصحة العالمية كـ”مدينة صديقة لكبار السن”.

 

النتائج المتوقعة: جودة حياة وتمكين حقيقي

تعد هذه المبادرة أكثر من مجرد مشروع عمراني، فهي مشروع إنساني يعكس فلسفة تؤمن بأن المدن لا تُقاس بجمال مبانيها فقط، بل بمدى قدرتها على احتضان الإنسان بكافة اختلافاته. إن دمج أصحاب الهمم في نسيج المدينة يسهم في رفع جودة حياتهم، ويعزز شعورهم بالكرامة والانتماء، ويفتح أمامهم أبواب التمكين والمشاركة.

 

كما أن توفير الفرص المتكافئة في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية، يساهم في تقليل الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، ويعكس صورة حضارية متقدمة للإمارات كمجتمع متسامح وشامل.

 

مدينة أبوظبي كمرجع عالمي

مع هذا المشروع، تقترب أبوظبي من أن تكون نموذجًا يُحتذى به عالميًا في مجال الدمج الحضري والاجتماعي، حيث تسعى لتصدير تجربتها للمجتمعات الأخرى وتبادل أفضل الممارسات مع المدن التي تتبنى فلسفات مشابهة. إنها رسالة إماراتية للعالم بأن التقدم لا يكتمل دون شمول الجميع، وأن التميز الحقيقي يكمن في بناء مدن تحترم الإنسان، وتمكّنه من أن يعيش حياة كاملة مليئة بالفرص والأمل.

 

شاركونا تجربتكم

نحن في “ضياء الأماني” نؤمن أن مشاركة المعرفة والتجارب هي ما يصنع الفرق الحقيقي. بعد قراءتكم لهذا المقال، ندعوكم للمشاركة في الجدول أدناه: أخبرونا ماذا استفدتم من فكرة “المدينة الدامجة”، وكيف تتخيلون مستقبل المدن إذا تم تطبيق هذا النموذج على نطاق أوسع. آراؤكم تسهم في نشر الوعي وتعزيز ثقافة الدمج المجتمعي.

💬 ما رأيك في المدينة الدامجة؟ كيف يمكن تطبيقها في مدينتك؟ وما الفكرة التي لفتت انتباهك أكثر؟