نورُ الإرادة: حكاية خالد والمواهب غير المُستغلة
في أحد الأيام، كان خالد، الموظف في قطاع التكنولوجيا، يتصفح الإنترنت عندما لفت انتباهه إعلان لمبادرة “فرصة للجميع”، التي تهدف إلى تدريب أصحاب الهمم على البرمجة. لم يكن لديه أي خبرة سابقة في العمل مع هذه الفئة، لكنه قرر التطوع بدافع الشغف بالعلم ورغبته في إحداث تغيير حقيقي.
في أول لقاء له مع المتدربين، شعر خالد بمزيج من الحماس والتحدي. كانوا مختلفين في قدراتهم وأساليب تعلمهم، لكن ما فاجأه هو عطشهم للمعرفة وتصميمهم على تحقيق الإنجاز.
الاكتشاف المُبهر
مع مرور الأسابيع، بدأ خالد بملاحظة تفاصيل لم يكن يتوقعها. محمد، الشاب الكفيف، كان يمتلك ذاكرة استثنائية مكّنته من استيعاب الأكواد البرمجية بسرعة تفوق أقرانه. ليلى، المصابة بمتلازمة داون، أظهرت مهارة مذهلة في تصميم واجهات المستخدم بلمسات إبداعية رائعة. أما سعيد، الذي يعاني من شلل دماغي، فقد برع في تحليل البيانات وكتابة الخوارزميات المعقدة.
أدرك خالد أن هؤلاء الشباب ليسوا بحاجة إلى الشفقة، بل إلى فرصة عادلة لإثبات قدراتهم.
من التدريب إلى التوظيف
لم يكن خالد راضيًا بأن يقتصر دورهم على التعلم فقط؛ أراد أن يمنحهم فرصة حقيقية في سوق العمل. بدأ بالتواصل مع الشركات التقنية، مقترحًا عليهم توظيف هؤلاء الموهوبين. قوبل في البداية بالتردد والشك، لكن إصراره ورغبته في التغيير دفعته لإنشاء مشروعه الخاص تحت اسم “كود الأمل”، وهو منصة تربط أصحاب الهمم بفرص عمل مناسبة في مجالات البرمجة والتصميم الرقمي.
التغيير الذي صنع الفرق
خلال عام واحد، تمكن خالد من توظيف أكثر من 50 شخصًا من أصحاب الهمم في شركات تقنية كبرى. أصبح محمد مطور برمجيات يعمل في مجال الذكاء الاصطناعي، بينما حصلت ليلى على وظيفة كمصممة واجهات، وسعيد أصبح محلل بيانات معتمدًا.
لم يكن التأثير مقتصرًا عليهم فقط، بل امتد ليشمل أسرهم، الذين رأوا أبناءهم يحققون النجاح والاستقلالية.
الرسالة الحقيقية
في لقاء تلفزيوني بعد نجاح مشروعه، سُئل خالد:“ما الذي دفعك للاستمرار رغم الصعوبات؟”ابتسم وقال:”عندما نؤمن بإمكانات الآخرين ونعطيهم الفرصة، فإنهم لا يدهشوننا فقط… بل يجعلوننا نعيد التفكير في مفهوم القدرات نفسها.”