المقدمة: لماذا يحتاج الطفل المصاب بالتوحد إلى روتين؟
يشكّل الروتين اليومي ركيزة أساسية في حياة الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد. ليس مجرد تكرار للمهام، بل وسيلة تمنح الطفل الأمان، التوقع، والانضباط. فبينما يرى البعض أن التكرار ممل، يراه الطفل المصاب بالتوحد بوابة للاستقرار والهدوء.
ولكن بناء روتين فعّال لا يحدث صدفة. يحتاج إلى تخطيط، فهم، مرونة، وتجربة. وفي هذا المقال، سنرشدك إلى خطوات عملية وواقعية لوضع روتين يومي يناسب قدرات طفلك، ويساعده على النمو بثقة.
أولًا: ما الذي يجعل الروتين مهمًا لطفل التوحد؟
-
الشعور بالأمان
الروتين يُشعر الطفل بأن العالم من حوله يمكن التنبؤ به. وهذا يُخفف من التوتر والقلق. -
تعزيز التفاعل والتواصل
عندما يعرف الطفل ما المتوقع منه، يكون أكثر استعدادًا للتفاعل. -
تحسين المهارات اليومية
بالتكرار، يتعلّم الطفل كيف يرتدي، يأكل، يغسل، ويلعب، بمهارات تتطور مع الوقت. -
تقليل السلوكيات الصعبة
الانتقال المفاجئ أو التغيرات غير المتوقعة قد تؤدي لنوبات غضب أو انسحاب. الروتين يقلل من هذه التفاعلات.
ثانيًا: كيف نبدأ بوضع روتين ناجح؟
1. ارصد ما يفعله الطفل حاليًا
قبل التغيير، عليك أولًا أن تفهم اليوم الحالي لطفلك.
-
متى يستيقظ؟
-
ما الأنشطة التي يستمتع بها؟
-
متى تظهر عليه علامات التعب أو التوتر؟
تسجيل هذه الملاحظات يساعدك على تحديد الأوقات المناسبة لكل نشاط.
2. قسّم اليوم إلى فترات
قسّم اليوم إلى:
-
صباح
-
منتصف اليوم
-
بعد الظهر
-
المساء
-
قبل النوم
لكل فترة، حدّد هدفًا واحدًا أو نشاطًا أساسيًا.
3. اختر أنشطة واضحة وثابتة
في البداية، اجعل الروتين بسيطًا وثابتًا.
مثلًا:
-
الاستيقاظ – غسل الوجه – لبس الملابس
-
تناول الإفطار
-
جلسة تعليمية بسيطة
-
استراحة ولعب حر
-
الغداء
-
نشاط فني أو حركي
-
حمام – قراءة قصة – النوم
ثالثًا: أدوات تساعد في تطبيق الروتين
1. الصور البصرية
استخدم بطاقات أو ملصقات توضح تسلسل الأنشطة.
هذه الأداة فعالة جدًا مع الأطفال الذين يواجهون صعوبات لغوية.
2. الجدول المصور اليومي
لوحة فيها صور تمثل كل نشاط، ويقوم الطفل بوضع “علامة ✓” بعد كل مهمة.
هذا يعزز الإنجاز ويشعره بالتحكم في يومه.
3. مؤقت بصري أو ساعه رمليه
يساعد الطفل على فهم الزمن، ومتى يبدأ النشاط وينتهي.
4. ركن للروتين
مكان خاص يُمارس فيه النشاط، مثل زاوية للقراءة أو طاولة للرسم.
رابعًا: متى نغيّر الروتين؟ وكيف نُعد الطفل للتغيير؟
رغم أهمية الثبات، يحتاج الطفل أحيانًا لتغييرات في الروتين (مثل بداية المدرسة أو السفر). وهنا ننصح بـ:
-
التحضير المسبق
أخبره بالتغيير قبل حدوثه بوقت كافٍ. -
استخدام القصص الاجتماعية
اكتب له قصة قصيرة تحتوي صورًا تشرح ما سيحدث. -
التدريب التدريجي
بدلًا من التغيير المفاجئ، أضف النشاط الجديد تدريجيًا.
خامسًا: كيف نتعامل مع الرفض أو التوتر أثناء تطبيق الروتين؟
من الطبيعي أن يرفض الطفل أحيانًا تنفيذ جزء من الروتين. هنا بعض النصائح:
-
لا تُجبره، بل حاول معرفة السبب.
-
أعطه خيارين بسيطين لتشجيعه على المشاركة.
-
امدحه عند إتمام كل خطوة.
-
استخدم التعزيز الإيجابي (كلمة طيبة – ملصق – وقت لعب).
سادسًا: روتين واقعي لطفل في عمر 5 سنوات
الوقت | النشاط | الملاحظات |
---|---|---|
7:00 صباحًا | الاستيقاظ – غسل الوجه | باستخدام صور متسلسلة |
7:30 | الإفطار | جلسة هادئة بدون مشتتات |
8:00 | نشاط تعليمي | ألعاب مطابقة أو تلوين |
9:00 | لعب حر | مكعبات – سيارات |
10:00 | وجبة خفيفة | ثم غسيل يدين |
10:30 | قصة أو فيديو تعليمي | في ركن مخصص |
11:00 | نشاط حركي | مشي – قفز – تمرين |
12:00 | الغداء | استخدام أدواته الخاصة |
12:30 | قيلولة | إضاءة خافتة – قصة قصيرة |
2:30 | استيقاظ – غسل | تعويده على الروتين اليومي |
3:00 | نشاط فني | لصق – تلوين – طين |
4:00 | لعب خارجي | إن أمكن |
5:30 | العشاء | جلسة عائلية |
6:00 | تحضير للنوم | حمام – قصة – تهدئة |
سابعًا: تجربة حقيقية – يوسف وروتين “الدوائر الثلاث”
يوسف طفل عمره 6 سنوات من ذوي اضطراب طيف التوحد. عانت والدته من الفوضى اليومية حتى بدأت باستخدام “روتين الدوائر الثلاث”:
-
دائرة الاستعداد (أنشطة صباحية)
-
دائرة النشاط (تعلم + لعب)
-
دائرة الراحة (التهدئة والنوم)