الوالدية الايجابية

الوالدية الايجابية ضمن التربية الايجابية لذوي الهمم

الوالدية الايجابية ضمن التربية الايجابية لذوي الهمم

د.رضا جاد محمد طه كرامه

PHD, QBA

اختصاصي التأهيل المهني بالمركز الوطني للتوحد

 

ذوي الهمم هدية تعانق قيمتها المتفردة من يُظهر الإعتناء بها فهي تختبر انسانيتنا في أبهي صورتها لتحدثنا بضمير رد الجميل ” فعلت الكثير مما يستوجب الشكر، لقد دعمتني في افضل حالاتي وأحببتني في أسوأ حالاتي، ولهذا سأكون ممتن لكم”.

لنسأل نفسنا ما هي الطرق التى تحفز أبنائنا من ذوي الهمم في اظهار المواهب المتفردة في كيانها؟ نعم حينما نكون والدين يحملان الوعي بطرق تربية تواكب احتياجاتهم ومواهبهم وقدراتهم الفريدة.

إن إيجاد بيئة داعمة لأطفالنا من ذوي الهمم يبدأ بأساليب التربية الإيجابية، التي تعزز التواصل الفعّال بين الآباء والأبناء، وترتكز على الحب، والتفاهم، والتشجيع غير المشروط، بدلاً من العقاب والقسوة. وعندما نتحدث عن ذوي الهمم، فإن هذه الفلسفة تصبح أكثر أهمية، حيث تساعدهم على بناء الثقة بأنفسهم، وتطوير مهاراتهم، وتعزيز استقلاليتهم.

تفترض فلسفة التربية الإيجابية أن الطفل يولد على الفطرة، وبالإحترام والرعاية والمحبة والتوجيه، يمكن أن يصبح خلوقًا ومسؤولاً وناجحًا عند الكبر، ويُشير خبراء التربية إلى أن أفضل وقت للبدء بممارسة الوالدية الإيجابية، هي خلال الثلاث سنوات الأولى من حياة الطفل، نظرًا لتأثيرها الكبير في نمو الأطفال، ويجب أن تستمر حتى بعد أن يكبر الأبناء.

وهناك أسس للوالدية الايجابية لذوي الهمم:

 

تبدء بالفهم والوعي لقدرات الأبناء من ذوي الهمم، يواجه ذوي الهمم تحديات مختلفة في حياتهم الاجتماعية، لكن مع وجود بيئة داعمة ومُحفِّزة، يمكنهم بناء علاقات قوية والمشاركة بفعالية في المجتمع. النواحي الاجتماعية تلعب دورًا كبيرًا في تحسين جودة حياتهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، مما يساهم في تحقيق الدمج المجتمعي والحد من العزلة، فضلاً على ضرورة التعارف الفعال على أسباب حدوث هذه التحديات التي قد تكون نابعة من احتياج في النمو اللغوي، والتواصل البصري، فيعاني ذوي الهمم من ضعف في التواصل مع المحطين به وبالتالي تفرض قيوداً عليهم في التفاعلات الاجتماعية، فيكون ذلك بمثابة ميلاد لسلوكيات غير مقبولة اجتماعية يستخدمها ذوي الهمم كوسيلة للتعبير عن احتياجهم كل سلوك يؤدي وظيفة معينة تتراوح ما بين التجنب والهروب من مواجهه موقف معين، أو جذب لفت الانتباه، أو الحصول على شئ مفضل، أو الاحساس الذاتي الذاتي، وعلى الجانب العقلي ذوي الهمم يحتاجون منا فهم قدرتهم العقلية ومعدلات ذكاءهم ومستوي ادراكهم مما يعزز هذا الفهم ابتكار طرق مبسطة لاستخراج هذه القدرات المتفردة، وعلى الجانب النفسي فهم مثلنا يمرون بمشاعر من الخوف والقلق والتوتر والضغوط وغيرها من التقلبات النفسية، ولتخطي ذلك يحتاجون إلى تدريبهم على طرق فعالة في التعامل مع مثل الهزات

النفسية طبقاً لمتطلبات كل مرحلة عمرية يمرون بها، وعلى الجانب الجسمي والصحي فإن المضاعفات الصحية المرتبطة بذوي الهمم تحتاج إلى عناية خاصة من قبل الوالدين، فيحنما يفهم الوالدين هذه الأسس يتمكنون من التواصل الفعال مع أبنائهم من ذوي الهمم وتعزيز الثقة لديهم والشعور بالراحة النفسية والاستقرار العاطفي، بالتالي استكشاف مواهبهم ومهاراتهم، فكل طفل من ذوي الهمم مهارة مُشعة تحتاج فتح النافذه لدخول نورها حياتنا.

فمعرفة هذه المهارة تُمكن الوالدين من تحديد الأدوات اللازمة لاستهدافها على حد السواء في حالة ضعف وشدة مستوي الحالة، فلكلاً منهما طرق مثبتة علمية لاكسابها هذه المهارات، كذلك للوالدية الايجابية دورها في تحديد معززات كل طفل من ذوي الهمم التي تعطيه ثقة بذاته وقدرته على وجودة، فتتراوح المعززات ما بين معززات قابلة للأكل مثل الأطعمة” الشيكولاته- الفاكهة- الشيبس-الحلوي وغيرها” وأخري حسية مثل” ألعاب فيها أضواء، فقاعات، مساج، عناق، موسيقي، قرآن)، وأحياناص ملموسة مثل ” ملصقات- ألعاب- دمي”، وأحياناً أنشطة مثل ” الرسم والتلوين- ألعاب الطاولة- اللعب بالكورة”.

هذا الفهم الإيجابي المعزز بالوعي بما تكون عليه قدرات الأبناء من ذوي الهمم يولد لدي الوالدين مواقف ومشاعر إيجابية تخرجهم من الاستستلام لمشاعر الحزن والانزعاج لما علية ابناءهم من ذوي الهمم نتيجة عدم القدرة على التحكم في سلوكياتهم وعدم الاستجابة العاطفية لديهم فتتحول هذه المشاعر الايجابية إلى أفكار عقلانية تبعث الأمل والتفكير بطرق ايجابية تعزز التواصل، وبالتالي تكون النتيجة سهولة في التعامل مع لاابن من ذيو الهمم، وقوة العلاقة الزوجية، واستجابات ايجابية من قبل الوالدين وكل أفراد الأسرة تجاه ذوي الهمم.

لذا تصبح الوالدية الايجابية أساس لتشكيل السلوك لذوي الهمم لأنها تستخدم تقنيات مبنية على الحب والتشجيع والرعاية وتأمين بيئة ايجابية وصولاً إلى تنمية ثقتهم بأنفسهم، فتشير الدراسات إلى أن الأبناء الذين تعرضوا إلى إساءة وإهمال، تأثر إدراكهم وذكائهم الاجتماعي والانفعالي، وضعف تواصلهم الاجتماعي.

أدوات صناعة الوالدية الايجابية ضمن التربية الايجابية لذوي الهمم:

 

التعلم وتطوير المهارات لمساعدة ذوي الهمم من خلال ذلك يمكن اقتراح أنشطة لممارستها مع ذوي الهمم على مختلف أعمارهم، وشغل أوقات فراغهم بالإضافة إلى الحد من السلوكيات غير المرغوبة، أيضاً التأديب الإيجابي الذي يتضمن أدوات ونصائح يمكن تطبيقها لتشجيع السلوكيات الإيجابية لذوي الهمم والتعامل مع السلوكيات السلبية بشكل صحي وسليم، ثم الصحة والتغذية من خلال معلومات عن التغذية الصحية والنشاط البدني والحفاظ على الصحة النفسية من مصادر ذات أدلة علمية وموثوق بها، ودعم ذوي الهمم معنوياً ونفسياً مع توطيد العلاقة بين الآباء والأبناء ليصبح الآباء معززاً محبباً حينما يراهم ذوي الهمم، وأخيراً العناية بمقدمي الرعاية لذوي الهمم من قبل الوالدين وأعني هنا أن يكون الوالدين على اتم الاستعداد والتعاون مع الاختصاصيين مقدمي الخدمات التأهيلية لذوي الهمم.

وحينما تمتلك الوالدية الإيجابية للأدوات المشار إليها فإن ذلك يًشكل طريقة وأسلوب تعاملهم مع أبنائهم من ذوي الهمم

فهناك أساليب تربية ايجابية حديثة :

 

التربية الحدسية أو الطبيعة Intuitive or natural parenting: وهي التي تعتمد علي تقوية وتعزيز الرابط العاطفي والانفعالي والنفسي والجسدية والانفعالية للطفل ذوي الهمم وبشكل متواتر وثابت ، فإن ذلك من شانه أن يساهم بتشكيل موقف او اتجاه إيجابي لدي الطفل عن الحياة وعن الآخرين ما يقلل من نسبة تعرضه للقلق الوجودي أو الانفعالي.

 

التربية الواعية :conscious parenting : والتي تتمثل بتقديم الحب والرعاية غير المشروطة بأي سلوك من قبل الأطفال.

 

التربية الشاملة holistic parenting : وتركز علي احترام فردانية كل طفل وخلق المساحة لكل طفل بأن ينمو بحسب قدراته، واحتياجاته وشخصيته.

 

التربية البطيئة أو الحانية  nurturance or slow parenting: وهو أسلوب التربية الذي يتصدى للإيقاع السريع والضاغط للحياة ومتطلباتها، وكذلك لأسلوب التربية المفرط بالحامية للأطفال ويتمثل هذا الأسلوب بضمان توفير وقت للأسرة وأفرادها بحيث يجتمعون ويقضون وقتاً مع بعضهم، كما يتضمن منح الأطفال المساحة لاتخاذ بعض المخاطر لمعرفة حدودهم وطاقاتهم، وتوفير وقت في الطبيعة للتأمل والاكتشاف، وتقليص الوقت المستهلك علي الشاشات   ( التليفزيون والهواتف الذكية) كونها تجعل منهم متلقين سلبين للمعارف.

أدوات التهذيب الايجابي لسلوكيات أبنائنا من ذوي الهمم:

يحتاج الأطفال والبالغون من ذوي الهمم إلى أساليب تربوية خاصة

 

تساعدهم على فهم القواعد، وضبط سلوكهم، والتفاعل بإيجابية مع الآخرين. يعتمد التهذيب الإيجابي على الدعم والتواصل والحب بدون شروط، وأن يكون الوالدين قدوة لهم، فيحتاج ذوي الهمم أن يكون الوالدين بجانهم عندما يحتاجون لدعم والسماح لهم بالتعبير عن أنفسهم بحرية واتخاذ اجراءات لتطوير مواهبهم وتشجيعها، ويحتاجون إلى التواصل بالتحدث معهم كل يوم وأخبارهم كيف صار يومهم والحديث معهم عن انجازتهم الصغيرة وتحدياتهم عندما يرتكبون خطأ، ووضع القواعد العامة والخاصة لهم واحترام مشارعهم حول ما يمثل ضغطاً عليهم، ويحتاجون إلى الحب دون شروط والتأكيد لهم بأنهم محببون، فعندما لا يشعر ذوي الهمم بأنهم محببون أو لا يشعرون بأنهم ينتمون إلى عائلة، فإن شعورهم بقيمتهم يتأثر، كما أن الايماءات الصغيرة مل العناق وأحبك بدون سبب لها تاثير عظيم عليهم، ويحتاجون أيضاً إلى أن يكون الوالدين قدوة لهم فكيف يعامل الرجل المرأة باحترام وثقة حقيقتين، والامهات ينبغي أن يكن قدوة لبناتهم من ذوي الهمم وتكون جزءاص لا يتجزأ من اسرتها ومجتمعها، والآباء المنفصلون لابد أن يبعدوا الأطفال من ذوي الهمم عن النزاع ولا يتحدثون بشكل سلبي عن الطرف الآخر أمامهم ولابد أخبارهم دائماً بأن آبائهم وأمهاتهم يحبونهم ولكن بطريقيتن مختلفتين.

خلق بيئة منزلية داعمة لذوي الهمم

 

المنزل هو أول وأهم بيئة يتعلم فيها الطفل من ذوي الهمم كيف يتفاعل مع العالم. لذلك، فإن توفير بيئة منزلية داعمة تساعده على الاستقلالية، والتعلم، والشعور بالأمان يعد أمرًا أساسيًا لنموه النفسي والجسدي والاجتماعي، لذا هناك أربعة نصائح مهمة لتحقيق ذلك دائما يجب على الوالدين التواصل مع طفلهم من ذوي الهمم حول ما يتم فعله، ثم مهد طفلك للاستجابة دون حدوث سلوك غير سوي منه، واظهر مشاعر الحب والامتنان لدي طفلك، التعاون والعمل معناً من جميع أفراد الأسرة.

 

بهذه النصائح تستطيعوا كوالدين بناء يوم ثري لأبنك من ذوي الهمم عبر ستة خطوات :

 

  1. أبدء يومك مع ذوي الهمم بالأنشطة المفضلة ومعدلات الطلبات المنخفضة لديهم.

  2. زيادة تدريجي في معدل الطلبات والتأنشطة وجهود استجابتهم.

  3. قم بالتواصل مع ابنك طوال اليبرنامج اليومي إذا لزم الأمر.

  4. الاقتران بأن تجعل نفسك معززاً لأبنك.

  5. الاستمرار في إعادة تقييم المعززات وعدم الافراط في استخدامها مع ابنك حتي لا تأتي بنتيجة عكسية على أبنك.

  6. كن استباقياً في استجابتك للإشارات اللظة وغير اللفظية من ابنك مكن ذوي الهمم قبل حدوث السلوكيات المشكلة التي تعيق أنشطة أدوار أبنك في اليوم.

هذه الرحلة البسيطة في عالم التربية الايجابية نري من خلالها القوة في التعامل مع ذوي الهمم وتأخذ بالوالدين للتعامل السليم مع مختلف المراحل العمرية لذوي الهمم وتحضيرهم للحياة الاستقلالية بشكل فعال، فطفل اليوم هو مراهق وشاب الغد، وذوي الهمم مثلهم كالآخرين يمرون بتغييرات جسدية تابعة للمرحلة الانتقالية من العمر، إلا أن الاستعداد والتحضير لهذه المرحلة الانتقالية يجب أن يكون مبكراً، فالأففراد من ذوي الهمم بشكل عام يحتاجون إلى وقت اكثر لاكتساب المهارات الحياتية فمن المستحسن تقديم الرعاية الشخصية الأشاسية وتعليمهم مهارات الحياة اليومية قبل بدء سنوات المراهقة أو خلال سنوات المراهقة المبكرة، وهناك مجموعة من المهارات الموصي بها بهذه الفترة :

  1. مهارات الحياة اليومية : مثل النظافة الشخصية أو طهي الطعام، تحسن وتطور استخدام دورة المياه والاستحمام أو في ارتداء ملابسهم غالباً ما يحتاجون إلى دار للرعاية والعيش تحت الأشراف بدلاً من العيش في بيئة أقل دعمًا.

  2. المهارات الوظيفية : تشمل صيانة المنزل، أو الإدارة المالية، أو التسوق،يمكننا الاستفادة، المهارات التكنولوجية تمثل الحياة العصرية وتُفيد الأفراد في الكثير من المجالات مثل المهام المنزلية والبحث عن وظيفية والتواصل الاجتماعي وحتى دفع الفواتير.

الاحتياجات الجنسية والعلاقات: تعليم الطفل عن العلاقات مع الأفراد وكيف يتعامل مع الجنس الآخر أو مع نفس الجنس، ومعرفة المهارات الاجتماعية المناسبة المتعلقة بالصداقة والاختلافات بين العلاقات في الحياة. خاصة في مواجهة الغرباء مع الأخذ في الاعتبار أن أكثر حالات الإساءة يرتكبها شخص

مقرب لهم منذ سن مبكر ومن المهم تعليمهم الفرق بين اللمس والسلوكيات المسموحة وغير المسموح بها.

 

وفي الختام

 

إن الوالدية الإيجابية في تربية ذوي الهمم ليست مجرد أسلوب تربوي، بل هي رحلة من الحب والتقبل والتشجيع. عندما يحتضن الآباء أبناءهم بفهم ووعي، ويستخدمون أساليب التواصل الفعّال، والتعزيز الإيجابي، والصبر، فإنهم يزرعون فيهم الثقة بالنفس والقدرة على مواجهة التحديات، فضلاً عن بناء بيئة داعمة ومليئة بالتشجيع والحب تمكّن الطفل من الهمم تطوير مهاراته واستكشاف إمكانياته، ليصبح فردًا مستقلاً ومندمجًا في المجتمع. فكل خطوة إيجابية، مهما كانت صغيرة، تُحدث فرقًا كبيرًا في حياة هؤلاء الأطفال، وتصنع لهم مستقبلًا أكثر إشراقًا،  لنكن جميعًا جزءًا من هذا التغيير، ولنؤمن بأن كل طفل لديه القدرة على التألق عندما يُمنح الفرصة والدعم المناسب.

Please enable JavaScript in your browser to complete this form.