الدعم النفسي للأهالي

أهمية الدعم النفسي للأهالي وتأثيره على الأطفال ذوي الهمم

المقدمة: عندما يحتاج الأبطال إلى من يدعمهم

الأهالي الذين يربّون أطفالًا من ذوي الهمم غالبًا ما يكونون العمود الفقري لأسرهم، لكنهم في الوقت ذاته يواجهون ضغوطًا نفسية هائلة.
المواعيد الطبية، الجلسات التأهيلية، المخاوف المستقبلية، وحتى نظرة المجتمع، كلها عوامل قد تُرهق الأهل نفسيًا وعاطفيًا.
لكن الحقيقة التي يغفلها الكثيرون أن صحة الأهل النفسية ليست رفاهية، بل هي ضرورة.
لأن الطفل يستمد استقراره وثقته من أهله، وكلما كان الأهل أكثر دعمًا لأنفسهم، كانوا أقدر على دعم أطفالهم.

أولًا: لماذا يحتاج الأهل إلى الدعم النفسي؟

  1. الإجهاد المستمر
    التعامل مع احتياجات خاصة يوميًا يمكن أن يؤدي إلى الإرهاق النفسي والجسدي.
  2. القلق على المستقبل
    الخوف من المجهول، ومن سؤال: “ماذا بعد أن يكبر طفلي؟” يثقل على الأهل.
  3. التأثير على العلاقات الأسرية
    الضغط النفسي قد يسبب توترًا بين الزوجين أو بين الأهل وبقية الأبناء.
  4. نظرة المجتمع
    عدم تفهّم الآخرين قد يزيد من عزلة الأهل وشعورهم بالوحدة.

ثانيًا: كيف يؤثر استقرار الأهل النفسي على الطفل؟

  1. الأطفال يلتقطون المشاعر
    حتى لو لم يُظهر الأهل قلقهم، يشعر الطفل بتوترهم مما يؤثر على سلوكه.
  2. الدعم النفسي يعزز استقرار الروتين
    الأهل المستقرون قادرون على الالتزام بخطط التأهيل والروتين العلاجي للطفل.
  3. الثقة تنتقل للطفل
    حين يرى الطفل والديه متماسكين، يشعر بالأمان، ويكون أكثر انفتاحًا على التعلم والتجربة.

ثالثًا: استراتيجيات عملية لدعم الصحة النفسية للأهالي

1. الاعتراف بالمشاعر بدل إنكارها

من الطبيعي أن يشعر الأهل بالإرهاق، الحزن، أو حتى الغضب أحيانًا.
الاعتراف بالمشاعر هو أول خطوة للتعامل معها.

2. البحث عن مجموعات دعم

الانضمام لمجموعات أهالي يعيشون تجارب مشابهة يمكن أن يمنح شعورًا بالفهم والانتماء.

3. العناية الذاتية ليست أنانية

  • ممارسة الرياضة.
  • الحصول على وقت راحة أسبوعيًا.
  • متابعة الهوايات الشخصية.
    كل ذلك يعيد شحن طاقة الأهل.
4. الاستعانة بأخصائي نفسي عند الحاجة
العلاج السلوكي أو الاستشارات النفسية تساعد الأهل على إدارة التوتر والقلق.

5. تقسيم المسؤوليات

إشراك بقية أفراد الأسرة (الأخوة، الأجداد) في رعاية الطفل لتقليل الضغط على الوالدين.

رابعًا: تجربة واقعية – “نهى واستعادة التوازن”

نهى، أم لطفل مصاب بالتوحد، كانت تشعر بالإرهاق الشديد، وبدأت تعاني من القلق المزمن.
بعد انضمامها لمجموعة دعم، وطلب المساعدة من معالج نفسي:
  • بدأت تخصص وقتًا لنفسها يوميًا (رياضة ومطالعة).
  • تخلّت عن محاولة القيام بكل شيء وحدها.
  • أصبحت أكثر هدوءًا في التعامل مع ابنها.
خلال أشهر، لاحظت أن طفلها أصبح أكثر تعاونًا، وأن الجو الأسري تحسن بشكل عام.

خامسًا: نصائح للأهالي للحفاظ على صحتهم النفسية

  1. ضع خطة أسبوعية توازن بين رعاية الطفل والعناية بالنفس.
  2. تحدث بصراحة مع شريك حياتك عن مشاعرك واحتياجاتك.
  3. لا تتردد في طلب المساعدة من الأسرة أو الأصدقاء.
  4. تجنب مقارنة طفلك بالآخرين… وركز على تقدمه الفردي.
  5. احتفل بالإنجازات الصغيرة – لطفلك ولنفسك.

الخاتمة: الأهل المستقرون… أطفال أكثر سعادة

رعاية الطفل من ذوي الهمم رحلة مليئة بالتحديات، لكنها لا يجب أن تكون مرهقة لدرجة الاستنزاف.
حين يعتني الأهل بأنفسهم، يصبحون أكثر قدرة على توفير الحب، الدعم، والاستقرار الذي يحتاجه الطفل.
تذكر دائمًا: سلامتك النفسية هي أول هدية تمنحها لطفلك.