تنمية الثقة

تنمية الثقة بالنفس لدى الأطفال ذوي التحديات الخاصة

المقدمة: الثقة بالنفس ليست ترفًا… بل حق أساسي لكل طفل

كثيرًا ما تُختزل صورة الطفل من ذوي التحديات الخاصة في جانب احتياجه للرعاية والدعم، ويتم تجاهل جانب لا يقل أهمية: احتياجه إلى الشعور بأنه قادر، محبوب، مقبول، وله قيمة.
الثقة بالنفس ليست ميزة يُولد بها الطفل، بل مهارة تُبنى بالتدريج، وتتطلب بيئة داعمة، وتجربة تلو الأخرى.

في هذه المقالة، سنخوض معًا رحلة نحو بناء الثقة لدى أطفالنا من أصحاب الهمم. سنتحدث بلغة الأهل، ونقدّم خطوات يمكن تنفيذها داخل كل بيت، ونسرد قصصًا واقعية لأسر صنعت الفرق.


أولًا: ما المقصود بالثقة بالنفس لدى الأطفال ذوي الهمم؟

هي شعور الطفل بأنه:

  • يستحق التقدير

  • قادر على الإنجاز

  • مقبول كما هو

  • له دور في أسرته ومجتمعه

وهذا الشعور لا يولد فجأة، بل ينمو تدريجيًا من خلال:

  • التفاعل مع البيئة

  • التجارب الناجحة

  • التشجيع والتقبّل

  • تجاوز الفشل بطريقة صحية


ثانيًا: لماذا يُعد بناء الثقة بالنفس تحديًا خاصًا للأطفال من ذوي الإعاقة؟

  1. المقارنة المستمرة مع الآخرين
    غالبًا ما يُقارن الطفل بإخوته أو أقرانه، مما يسبب له شعورًا بالنقص.

  2. نظرة المجتمع
    نظرات الشفقة أو الرفض يمكن أن تؤثر سلبًا على تصوره لذاته.

  3. الحماية الزائدة من الأهل
    تمنع الطفل من المحاولة، وبالتالي من الإحساس بالقدرة.

  4. صعوبة الإنجاز بنفس وتيرة الآخرين
    ما يؤدي إلى الإحباط إذا لم تُدار التوقعات بشكل واقعي.


ثالثًا: خطوات عملية لتعزيز الثقة بالنفس

1. ركز على نقاط القوة… لا على العجز

كل طفل لديه جانب متألق:

  • قد يكون جيدًا في الموسيقى

  • أو يحب تجميع القطع

  • أو يتمتع بروح مرحة

ركز على هذه الجوانب، وامدحه عليها.

2. امنحه فرصًا للنجاح اليومي

اجعل طفلك ينجز شيئًا يوميًا، حتى لو كان بسيطًا مثل:

  • ترتيب لعبته

  • سكب الماء بنفسه

  • المساعدة في تحضير الطعام

الإنجاز = شعور بالقيمة.

3. تقبّل الخطأ كجزء من التعلم

لا تعنّفه عند الفشل، بل امدحه على المحاولة.
قل له: “جربت بكل جهدك، وهذا رائع، سنحاول مرة أخرى.”

4. تحدث معه بلغة إيجابية

تجنب العبارات:

  • “أنت لا تستطيع”

  • “دعني أفعلها عنك”

واستبدلها بـ:

  • “دعنا نجرب سويًا”

  • “أنا فخور بمحاولتك”

5. شجّعه على التعبير عن رأيه

حتى لو كان التعبير بالإشارة أو الصور.
دع الطفل يختار بين قميصين، أو يختار وجبته.
الاختيار = إحساس بالسيطرة والاستقلال.


رابعًا: دعم الأهل لأنفسهم شرط لنجاحهم مع الطفل

الأهل الذين يشعرون بالضغط أو الذنب باستمرار، يجدون صعوبة في نقل الثقة للطفل.

  • خذ وقتك للراحة

  • شارك في مجموعات دعم

  • تواصل مع مختصين

حين تهدأ نفسيتك، يصبح دعمك لطفلك أعمق وأكثر فاعلية.


خامسًا: تجربة واقعية – “فهد واللوحة الأولى”

فهد طفل يعاني من صعوبات تعلم وخلل بسيط في النطق. كان خجولًا ولا يثق بنفسه.
لكن والدته لاحظت أنه يحب الألوان، واشترت له ألوانًا ولوحة بيضاء.
في البداية، خربش، ثم رسم أشكالًا… وبعد 3 أشهر، فاز بجائزة لوحة الأطفال في نادي الأحياء.

قالت والدته:
“أدركت أن الثقة لا تولد من الكلمات… بل من الفرص الصغيرة.”

 

الخاتمة: خطوة بخطوة نحو طفل واثق

الثقة بالنفس لا تُغرس دفعة واحدة، بل تُسقى كل يوم بتجربة، كلمة، موقف.
ابنك لا يحتاج لأن يكون “مثل الآخرين”، بل أن يشعر أنه محبوب ومقبول كما هو.
ابدأ من اليوم… بكلمة “أنت قادر”، بلمسة حنان، بفرصة جديدة.